جثث الأخوين دي ويت

لوحة “جثث الأخوين دي ويت” للفنان الهولندي يان دي باين تُعد من أكثر الأعمال صدمةً وقوة في تاريخ الفن الهولندي، إذ تُصوّر لحظة مروعة من التاريخ السياسي الهولندي. توثق هذه اللوحة المأساوية مشهد ما بعد إعدام يوهان و كورنيليس دي ويت، وهما من أبرز رجال الدولة في هولندا خلال القرن السابع عشر، واللذان قُتلا على يد حشد غاضب في مدينة لاهاي بتاريخ 20 أغسطس 1672.

في عام عُرف في هولندا بـ “عام الكارثة” (Rampjaar)، كانت البلاد تحت تهديد الغزو من فرنسا وإنجلترا ودول ألمانية، وتصاعدت الاضطرابات السياسية والاجتماعية. كان الأخوان دي ويت من أنصار النظام الجمهوري، ومعارضين لبيت أورانيا (بيت الملكية). بعد اتهامات ملفقة بالتآمر، تم سجن كورنيليس، وعندما زاره شقيقه يوهان، اقتحم الغوغاء السجن وسحلوهما وقتلوهما بوحشية. عُلقت جثتاهما مقلوبتين في الساحة العامة، في مشهد وحشي كان يهدف إلى بث الرعب والرسائل السياسية.

يان دي باين، الذي رسم سابقًا بورتريهات للأخوين خلال فترتهما في السلطة، عاد ليُجسد هذا المشهد المأساوي في عمل جريء مليء بالمشاعر. لا تُجسد اللوحة العنف فقط، بل تنقل من خلالها صدمة المجتمع وانهيار القيم في تلك الحقبة.

هذا العمل ليس مجرد تصوير لجريمة، بل شهادة بصرية على عمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي عصفت بهولندا في ذلك الوقت. إنه عمل فني يبعث على التأمل، ومليء بالرسائل الرمزية عن السلطة، والعدالة، والغوغاء، وسقوط القيم في وجه الفوضى.